الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية خطير: «بيرة» وسجائر في آيادي الأطفال برعـايــة الآبـــاء

نشر في  17 أوت 2016  (10:53)

أثارت صور تداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر تصرفا غير مسؤول لأحد الآباء وهو بصدد  التدخين وشرب الخمر صحبة ابنته وهي رضيعة لم تبلغ بعد سنتها الأولى، أثارت سخط الكثير من المعلقين، وما هي الا أيام حتى انتشرت صور اخرى  لطفل لم يتجاوز ال5 سنوات صحبة والده ـ قيل أنه أمني ـ بصدد التدخين واحتساء الخمر، وقد اثارت هذه الصور ضجة كبرى، حيث انتقد الجميع تصرفات هذا الأب ، كما تساءل البعض عن دور وزارة المرأة والطفولة وجمعيات حماية الطفولة وطالبوا بضرورة تتبع هذا الاب ومحاسبته، حيث اعتبر البعض ان هذه التصرفات تدخل في خانة الاعتداء على الطفولة .

 ويذكر ان نتائج التقرير الإحصائي السنوي لنشاط مكاتب مندوبي حماية الطفولة لسنة 2015  سجّل أرفع معدل في عدد الإشعارات منذ سنة 2009، إذ بلغ 8722 إشعارا مقابل 6096 إشعارا سنة 2014
كما تعهّد مندوبو حماية الطفولة بـ 7021 إشعارا لوجود ما يهدّد صحة الطفل أو سلامته البدنية أو المعنوية، لتناهز بذلك النسبة العامة للإشعارات الجدية 85.6 %من مجموع الإشعارات مع غلق وحفظ 1178 إشعارا لعدم استيفاء شروط التعهد.
وبيّن التقرير أنّ الأم تحتل المرتبة الأولى من حيث مصدر الإشعار (2756 إشعارا) يليها الأب بـ 1681 إشعارا، واحتلّ الأب المرتبة الأولى من حيث المتسبّب في التهديد بـ 1583 إشعارا.
ومازال الإطار الأسري (المنزل) أكثر إطار مكاني يتعرض فيه الأطفال المشعر بشأنهم للتهديد بنسبة تصل إلى 61.2 %، يليه الشارع (13.4 %) والمؤسسة التعليمية  13،3 بالمائة.
وحسب ذات التقرير، تعود أبرز حالات التهديد إلى عجز الأبوين أو من يسهر على رعاية الطفل والتقصير البين والمتواصل في التربية والرعاية وتعريض الطفل للإهمال

المندوب العام لحماية الطفولة: 60 بالمائة من التهديدات المتربصة بالأطفال متأتية من العائلة

وفي اتصال هاتفي جمعنا  بالمندوب العام لحماية الطفولة مهيار حمادي، اكد ان الصور التي تم تداولها ترفضها نواميس وتقاليد مجتمعنا، متسائلا عن دور الاب في حماية اطفاله وعدم تعريضهم للمخاطر، مضيفا ان مثل هذه التصرفات اللامسؤولة قد تعرض الطفل لا فقط الى اضرار جسدية بل ايضا اجتماعية ونفسية في محيطه المدرسي والعائلي .  
وافادنا انها  ليست الصورة الأولى التي يتم تداولها وأن الحالات عديدة، حيث سبق للمندوبية ان تدخلت منذ قرابة الاسبوع في حادثة مشابهة حيث عمد اب الى اجبار رضيعة تبلغ من العمر 9 اشهر على احتساء الخمر وتم اعلام الفرق المختصة للشرطة التابعة للشرطة العدلية، والتي تكفلت صحبة الوكالة الوطنية للسلامة المعلوماتية من تحديد هوية الاب .
نفس الامر بالنسبة للحادثة الاخيرة حيث ذكر مهيار حمادي  ان الإدارة الفرعية للوقاية الاجتماعية بإدارة الشرطة العدلية هي التي تتعهد بالحالات المماثلة وتقوم عن طريق إنابات قضائية بالتحري في المواقع والوقوف من خلاله على الاب الذي سيكون محل تتبع جزائي
وكشف مهيار حمادي  أن أكثر من 60 بالمائة من التهديدات المتربصة بالأطفال متأتية من العائلة ومن الأولياء بصفة خاصة وهو ما يجعل وضعيات الأطفال في خطر، حيث يتعرضون الى الضرب وسوء المعاملة المعنوية والبدنية والاهمال .

الجمعية التونسية لحماية حقوق الطفل: حماية الطفولة ليست من اولويات السلطات الامنية

وبين معز الشريف رئيس الجمعية التونسية لحماية حقوق الطفل، وجود تراخ من قبل السلطات التونسية والسلطات الامنية في توفير الحماية والامن للاطفال، مبينا ان مندوبية حماية الطفولة تعتمد في مثل هذه الحوادث على وزارة الداخلية لتحديد الهويات، لكن الوزارة تمنح اولوياتها الى قضايا الارهاب ثم الاجرام لتأتي القضايا الاجتماعية والخاصة بالاطفال في مرحلة ثالثة .
من جهة اخرى بين معز الشريف ان مندوبية حماية الطفولة تنتظر عادة الاشعار بالحالات رغم ان المبادئ الاساسية لمجلة حماية الطفولة تضم قانونا يخول لها تقديم الاشعار بذاتها اي التفاعل مع ما ينشر بصفحات التواصل الاجتماعي والاعلام دون الحاجة الى اشعار خارجي، مبينا ان مهمة المندوبية في تقاريرها السنوية هي نشر عدد الاشعارات دون ذكر النتائج وما اوصلت اليه تلك الاشعارات.
اما بخصوص الحوادث الاخيرة فذكر انه بان بالكاشف بان الدولة تخلت عن مسؤوليتها لصالح الجمعيات والمنظمات مضيفا انها مطالبة بالتصدي لهذه الظواهر ولهذا الانحطاط الاخلاقي وللتهديدات التي تطال الطفولة، مشيرا الى اننا في تونس نمتلك قوانين صارمة لكن دون تطبيق .
واما عن دور الجمعية فذكر انه يتمثل في الوقت الراهن في الضغط على وزارة الداخلية من اجل الاسراع في رفع القضية والكشف عن هوية الشخص.
وذكر ان كل الخوف هو عدم احراز اي تقدم يذكر حيث سبق للجمعية ان مارست كل اساليب الضغط في حادثة استغلال فتيات تتراوح اعمارهن بين 4 و5 سنوات في التحريض على التطرف الديني حيث تم نشر فيديوهات وهن باللباس الشرعي وبصدد ترديد عبارة «موتوا بغيضكم» ولكن ورغم مرور 4 سنوات على الحادثة لم تتدخل وزارة الداخلية ..
نفس الامر بالنسبة للسنة الفارطة حيث نشرت صورا لاب بصدد احتساء الخمر صحبة ابنته الصغيرة على البحر ورغم التدخلات والاتصالات لا توجد اي متابعة للموضوع، كما ان مندوبية الطفولة لا تذكر هذه الحوادث في تقاريرها السنوية.

علم النفس: عواقب نفسية واجتماعية وخيمة

من جهته بين الدكتور في علم النفس عماد الرقيق أن مثل هذه التصرفات غريبة عن مجتمعنا وغير معقولة لان الاولياء مطالبون بتوفير تربية سليمة للابناء لا التشهير بهم ونشر صورة قد تؤثرا مستقبلا على حياتهم الخاصة والدراسية..
وابرز ان تصرفات الاب تدل على خلل معين فاما ان يكون تحت تأثير الكحول او انه لا يعترف بالقوانين ويعيش حياة فوضوية وغير مهتم لا باطفاله ولا بمستقبلهم، مؤكدا ان هذه الحوادث نادرة حتى في المجتمعات الغربية المتحررة التي ترفض الاساءة الى الطفولة .
اما الدكتور عادل بن محمود المدير السابق في ادارة الصحة النفسية بوزارة الصحة، فافادنا ان مثل هذه التصرفات تساعد على تفشي سلوكات غير سوية في المجتمع، مبينا ان التدخين والخمر مضران ـ بطبعهما ـ بصحة الفرد وخاصة صغار السن حيث يصبح الاقلاع عن هذه المضار امرا صعبا.
كما ذكر ان الطفل لا يتحمل مسؤولية هذه التصرفات لكنه سيحصد عواقبها على الجانب النفسي والصحي والاجتماعي.

الجانب القانوني: شكاية جزائية جماعية ضد الآباء

ومن الجانب القانوني افادنا الاستاذ وليد الزراع أن مندوبية حماية الطفولة هي المسؤولة اولا واخيرا ومطالبة بالتصدي لهذه الممارسات.
وبين الاستاذ الزراع ان المفروض في مثل هذه الحالات تقديم شكاية جزائية جماعية بالأب أو بمن قام بنشر الصور عبر وسائل التواصل الاجتماعي وكل من سيكشف عنه البحث، حيث من الوارد جدا ان تكون اطراف اخرى هي من قامت بتسريب الصور سواء من قبيل التشهير بالتجاوز او المباركة .
وافادنا ان التهم التي قد تتعلق بمثل هذه القضايا هي اساءة استعمال وسائل الاتصال الحديثة، حيث ان مثل هذه التصرفات من شأنها التأثير على سلامة الطفل سواء النفسية او الاجتماعية، كما قد تدخل في خانة الحاق الضرر بالقصّر نظرا للتبعات الخطيرة التي تسببها هذه الحوادث ..
وختم محدثنا بقوله ان القانون الفرنسي على سبيل المثال يعمد في مثل هذه الحالات الى نزع الطفل من عائلته الى حين البت في القضية والتأكد من سلامته صحبة عائلته.

ملف من إعداد: سناء الماجري